الأحد، 17 نوفمبر 2013

قل للزمان إرجع يا زمان

الكاتب  الكبير عبد الرحمن فهمى
أستاذنا الدكتور سليمان حافظ أستاذ القانون المدنى فى كلية الحقوق فؤاد الأول " القاهرة الآن " , كان يركب ترام رقم 3 أو رقم 33 من العباسية إلى الجيزة حيث الجامعة , وكان أيضا وكيلا لمجلس الدولة , ثم تم تعينه وزيرا للداخلية فى وزارة على باشا ماهر فى 23 يوليو 1952 عندما قامت " الثورة المباركة "  ... لا تنسى كلمة مباركة !
فى صباح اليوم التالى دق جرس باب شقته المتواضعة وفتح الباب فوجد من يقول له :
- سيارة معاليك وصلت ... فى إنتظار معاليك تحت أمام الباب .
- سيارة إيه يابنى ؟!
- سيارة الوزارة .
- لأ .. لأ . قولى بس الترام رقم كام الذى يذهب إلى لاظوغلى . " حيث الوزارة "
ورفض أستاذنا سليمان حافظ أن يركب سيارة الحكومة حتى ترك منصبه , رغم كل مافعله معه على باشا ماهر .
*****
المرحوم ممدوح سالم حكمدار الأسكندرية , ثم محافظ الأسكندرية , ثم وزير داخلية , ثم رئيس وزراء . على التوالى , كان يركب سيارة الحكومة , وعندما ترك رئاسة الوزراء عاد إلى شقته المتواضعة بالأسكندرية وكان يركب يوميا ترام الأسكندرية  " أبو دورين " من محطة الرمل إلى كافتيريا مشهورة فى محطة سابا باشا ليقرأ الصحف ويقابل أصدقاءه ويعود فى الترام .
علم أنور السادات بذلك فأتصل بمحافظ الأسكندرية وقال له ما معناه إختشى . أرسل سيارة للرجل الفاضل رئيسك سنوات طويلة , ولكن ممدوح سالم رفض وظل إلى يوم وفاته يركب الترام ... إثنان فقط من رؤساء الوزارات هما اللذان أعادا سياراتهما الحكومية للدولة , ممدوح سالم وكمال الجنزورى ... قيل لى أن السيارات الثلاث التى كانت مخصصة للدكتور أحمد نظيف مازالت أمام منزله حتى الآن ... بل قيل أن السيدة الفاضلة الألمانية زوجة الدكتور عاطف صدقى ظلت معها السيارة التى كانت مخصصة لها , منذ الثمانينات .
بمناسبة ممدوح سالم وكنت قريبا جدا منه , فهو تلميذ والدى , رغم كل المناصب التى تولاها وراء بعض , مات وهو لا يمكلك شقة , شقته المتواضعة بالإيجار , ولا رصيدا فى أى بنك ولا سيارة خاصة .
المرحوم محمود فهمى النقراشى باشا رئيس الوزراء عندما قتله حسن عبد المجيد فى مصعد وزارة الداخلية لم يجدوا معه سوى ساعة جلد , وثلاثة جنيهات و 25 قرشا , ومنديل  تصوروا رئيس وزراء , وعندما قتل مجهولون على شفيق مدير مكتب عبد الحكيم عامر فى حجرته فى الفندق بلندن , بمسدس كاتم للصوت , وكان يتأهب للخروج فى نفس اللحظة , وجدوا بجوار جثته شنطة بها مليون جنيه إسترلينى " 12 مليون جنيه مصرى "
*****
وبعد ...
من سوء حظ المخضرمين أمثالنا أن أمتد بهم العمر بعد أجمل أيام من فن وأدب وشعر وعلم وأخلاق ومثل وقيم ومبادئ , ودين وتدين , طهارة وشفافية , ورضاء من الله أكبر ... يشاء الله عز وجل أن ألحق بأسود أيام ... وأسود أخلاق ... اللهم نجنا مما نحن فيه .

مقال للصحفى الكبير عبد الرحمن فهمى فى جريدة الجمهورية 6 أبريل 2013 " عهد مرسى "

ملحوظة : قاتل النقراشى باشا عندما تم القبض عليه قال في هدوء وثبات " أيوه قتلته واعترف بكده لانه اصدر قرارا بحل جمعية الاخوان المسلمين وهي جمعية دينية ومن يحلها يهدم الدين .. قتلته لاني أتزعم شعبة الاخوان منذ كنت تلميذا في مدرسة فؤاد الاول الثانوية " .
هل هناك تفسير لتردد حكومة الببلاوى عن إتخاذ قرارتها ضد جماعة الإخوان ؟ 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grocery Coupons