الأربعاء، 20 يونيو 2012

رخصة


فى شهر مايو من العام الماضى كان موعد تجديد ترخيص سيارتى وذهبت كارها كما أذهب كل مرة إلى إدارة مرور المنتزه بمنطقة طوسون وكلى تساؤل إذا كانت الأمور قد تغيرت بعد الثورة ولو قليلا لتنسينا عذاب يوم التجديد
و لم أكن أتوقع تغييرا كبيرا , إن حدث , فى تعامل الداخلية معنا نحن الضحايا المجبرين , وللحقيقة كنت فى ذلك اليوم مذهولا فقد رأيت عجبا لم أعهده من قبل , فعامل البصمة أنجز عمله وبسرعة دون إنتظار مقابل إجبارى كالعادة مما أدهشنى وأدهش من سبقنى فى الدور وحدث نفس الشئ بمثالية غريبة مع فحص طفاية الحريق ومرت بسلام هى الأخرى وإزداد ذهولى عند الكشف الفنى على السيارة والذى وكأننى أحلم لم يستغرق أكثر من دقيقة , وسارت الأمور بعدها بيسر سواء من موظفى الإدارة أو ضباطها وخلال ساعة واحدة وكان هذا رقما قياسيا خرجت من الإدارة ومعى الترخيص ولكنه كان للأسف ترخيصا مؤقتا بشهرين فقط وأخبرونى بمنتهى الأدب أن اللوحات الجديدة لم تصل بعد ويجب أن أعود بعد شهرين لكى أحصل على الترخيص الدائم واللوحات وإنطلقت بسيارتى يغمرنى شعور بالإنبهار والسعادة , فعلا لقد أثمرت الثورة وأحدثت تغييرا لم أكن أحلم أن يحدث يوما ما .

وعدت بعد شهرين وأبلغونى أن اللوحات الجديدة لم تصل بعد وعليه فقد تم تجديد الترخيص المؤقت شهران حتى يوليو وبعدها بسبب عدم وصول اللوحات تم تجديدها ثلاثة أشهر ثم ثلاثة أشهرأخرى حتى يناير هذا العام وذهبت وكلى أمل أن أحصل على الترخيص واللوحات الجديدة بسرعة ويسر كما حدث فى المرة الأولى ولكنى إكتشفت أننى كنت واهما وحالما ويجب أن أعود إلى أرض الواقع الأليم الذى طالما عانينا منه والذى توهمت أننا قد تخلصنا منه ولكنه للأسف كان نتيجة طبيعية للإحباط العام الذى طال كل شئ فى البلد على يد المجلس العسكرى الحاكم وعاد بالأمور إلى أسوأ ماكانت عليه قبل الثورة المجنى عليها .
يومان كاملان ضاعا منى وعانيت أشد المعاناة حتى حصلت على الرخصة واللوحات الجديدة وإختفت الإبتسامة من على وجوه الموظفين والضباط وكل ملامح التهذب وحسن المعاملة وعاد جفاف التعامل مع المترددين وجفاف الرد وإقتضابه وعادت اللهجة الآمرة وإهمال الرد على أى إستفسار بل والنهر أحيانا ورفع الصوت وإساءة الأدب من بعض الموظفات أحيانا أخرى , ووقفت أرقب عودة المأساة والتى أكدت تخوفى من عودة الداخلية إلى منهجها القديم بل وأسوأ وكدت أتراجع وأعود من حيث أتيت ولكن ما باليد حيلة فالترخيص المؤقت إنتهت مدته ولابد من الحصول على الترخيص الجديد , وكانت أولى المفاجآت عندما وصلت إلى الموظفة أنه يجب علىّ إحضار شهادة مخالفات من إدارة مرور أبيس بسموحه وهكذا توقفت أولى خطوات الرخصة فمعنى ذهابى إلى أبيس أننى لن أنمكن من العودة فى نفس اليوم نظرا لإزدحام هذه الإدارة وكثرة تعاملاتها وهو ماحدث فعلا وضاع اليوم كله وفى مكان واحد هو مبنى نيابة المرور مابين الموظفة التى ستسخرج الشهادة والإنتظار المرير حتى أخذتها ثم إلى تنفيذ الأحكام ثم إلى توقيع السيد وكيل النيابة وماأدراك ماوكيل النيابة ثم ختم هذه الشهادة العظيمة الشأن وكل هذا مع طوفان من سوء المعاملة والصراخ والإستغلال ومد الأيدى كسابق العهد , وهكذا ونحن فى عصر تكنولوجيا المعلومات حيث كان من الممكن عن طريق الحاسب معرفة المخالفة وقيمتها فى نفس مكان التجديد ولكن هيهات فصعب أن نحرم الإدارة من الظلم ونحرم المواطن من الذل . لماذا يحدث لنا كل هذا نحن المصريون خلافا لكل البشر فى العالم  حتى النامى منه .
وعدت محبطا فى اليوم التالى لكى أضيعه كسابقه ومتسلحا بالصبر لكى أتجاوز محنة هذا اليوم ومعاناته وإهاناته لاعنا الرخصة وإنتهاء مدتها وإجبارى إلى العودة إلى نهر العذاب هذا , وبدأت المشوار من الموظفة المتجهمة الوجه والتى وجهتنى إلى موظف الخزينة فاقد الذوق واللياقة لكى أدفع 115 جنيه ثمنا للوحات الجديدة والعودة مرة أخرى للموظفة لتوجهنى إلى موظف الكمبيوتر اللامبالى والذى يطلب منى الإنتظار وبعدها يوجهنى إلى موظفة اللوحات بعدأن أقوم بتصوير الرخصة صورتين وهناك طالبتنى بالذهاب للخزينة لكى أدفع رسم تسليم لوحات وعدت للخزينة ودفعت وبعدها طالبتنى بالذهاب إلى خلف المبنى لتركيب اللوحات وهناك سوف أجد اللوحات والرخصة , وذهبت فطالبنى عامل اللوحات بالذهاب للخزينة ودفع رسم تركيب وذهبت وقدماى تصرخ من تعب الإنتظار تارة والسعى وراء المطالب التى لاتنتهى تارة أخرى وأخيرا تم تركيب اللوحات بعد دفع الإكرامية صاغرا رغم أننى دفعت رسم التركيب من قبل .
طبعا لم أكن سعيدا لا بالرخصة ولا باللوحات الجديدة ولكننى خرجت من الإدارة وكلى حماس وإصرار على فكرة واحدة تملكتنى وقرار أوحد لابديل عن إتخاذه حتى أتحرر من عبودية تجديد الرخصة , نعم لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارا ولن نستعبد بعد اليوم .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grocery Coupons