الجمعة، 27 يوليو 2012

سيديهات 2 " قصة قصيرة "


سيديهات " 2 "
وما أن إقتربت من باب المكتبة لأدخل حتى فاجأنى تواجد عدد كبير من الشباب الملتحين داخلها مابين باحث فى أرفف الكتب ومن يقرأ فى كتاب ومن يتناقش مع زميل له , وواجهتنى حيرة فى معرفة من صاحب المكتبة لأسأله عما أريد ووقفت أتلفت يمينا ويسارا علنى أظفر به , وفى تلك اللحظة أتى صوت المؤذن من ميكروفون المسجد يؤذن لصلاة العصر وتوقعت أن ينفض هذا الجمع ويهرول الجميع إلى المسجد لتلبية نداء الصلاة ولكن خاب توقعى , فالموقف كما هو , من يبحث فى الأرفف , من يقرأ فى كتاب , من يتناقش مع زميله , كلّ على حاله وكأنهم لم يسمعوا الآذان , ومن عادتى وقت الأذان أن أردد خلف المؤذن وأتبعه بدعاء عند الإنتهاء وتوقعت أن يفوقنى هؤلاء الشباب فى هذا المضمار ولكن أيضا خاب توقعى , فالواقف واقف والقارئ قارئ والمتحدث متحدث والداخل داخل والخارج خارج وكأنه لاهناك أذان ولا صلاة عصر سوف يؤدّى فرضها بعد قليل .

قلت فى نفسى هذا شأنهم وإستدرت عائدا إلى الشاب بائع السيديهات وأدهشنى أنه مستغرق أيضا فى البيع وترتيب السيديهات التى أمامه وآثرت ألا أسأل تجنبا للحرج ولكننى طلبت منه أن يحفظ أشيائى عنده حتى إنتهاء الصلاة فرحب وأخذها منى ووضعها جانبا وشكرته وأخذت طريقى إلى المسجد ودخلت إلى ساحة الدور الأرضى وهى مستطيلة الشكل وليست كبيرة وفى نهايتها سلم يؤدى إلى الدورالأعلى للمسجد , وآثرت البقاء فى الدور الأرضى وتوجهت إلى مكان الوضوء فى نهاية الساحة الخلفية وتوضأت وعدت وإتخذت مكانا بين الجالسين وقد كادت الساحة أن تمتلئ بهم وصليت ركعتين وجلست فى إنتظار إقامة الصلاة متوقعا أن ماأخذته من وقت فى الوضوء والصلاة قد قرّب موعدها .
زادت حيرتى مع مرور الوقت وعدم إقامة الصلاة وإزدادت الدهشة من خلية النحل التى لاتهدأ من الداخلين والخارجين الحاملين لكتبهم , وأنظر من مكانى إلى المكتبة المواجهة فأجدها على حالها من الداخل والخارج , نفس التجمع , نفس الحركة ولا توجد أى بادرة تنبئ بإقامة الصلاة , وبعد مرور أكثر من نصف ساعة بدأت أتوتر قليلا فقد كنت أريد العودة إلى البيت وقد يقلق علىّ أهل بيتى لتأخرى ويزداد قلقهم عندما يتصلون بى ويجدوا الموبايل مغلقا وكنت قد أغلقته قبل دخولى المسجد وأتلفت يمنة ويسرة فأجد الناس حولى هادئين والداخلين الخارجين على حالهم , وبعد مرور ربع ساعة أخرى لم أجد بدا من التساؤل حتى يشفى أحدا غليلى ونظرت إلى شاب على يسارى وسألته " ألن يقيموا الصلاة ؟ " فرد بهدوء " عندما يصل الشيخ . " فقلت بحدة " ألم يسمع الشيخ الآذان ؟ " قال بنفس الهدوء " أنه يأتى من منطقة بعيدة وربما تأخر فى الطريق " وعدت أسأل نفسى ألا يعلم الشيخ هذا , ألم يكن فى مقدوره أن يقدر الوقت المناسب للوصول حتى يصل فى موعده وخاصة أنه يأتى للمكان كثيرا .
وفجأة حدث توتر فى المكان وإندفع كثير من الشباب لدخول المسجد ثم ظهر فضيلة الشيخ لا يختلف فى مظهره وهندامه عن مريديه ومحبيه الذين إندفعوا فى الدخول خلفه هم وكتبهم ومجلداتهم يهرولون خلف شيخهم وكأنهم مجذوبين له بمغناطيس ليخلو الشارع والمكتبة أخيرا ويرفع آذان الإقامة فى الوقت الذى مازالت الأفواج فيه تدخل المسجد للحاق بشيخهم فى الدور الأعلى .
ولن أقول أن الشيخ قد أطال فى الصلاة وأطال قى التلاوة وأطال فى الركوع وأطال فى السجود وخرجت من المسجد بعد إنتهاء الصلاة متجها إلى ناصية الشارع حيث صناديق القمامة التى غاصت قدماى فى أكوامها التى زادت وفاضت وإفترشت تقريبا نصف ناصية الشارع وتجاوزتها إلى الشارع الرئيسى كى أبحث عن وسيلة مواصلات توصلنى إلى البيت داعيا الله أن أتمكن من الوصول قبل أذان المغرب .

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grocery Coupons