السبت، 15 فبراير 2014

لا يا حبيبى - قصة قصيرة

أطل عليها برأسه وهى منهمكة فى إعداد الطعام بالمطبخ
-  مش عايزة مساعدة ؟
إلتفتت فزعة
- بسم الله الرحمن الرحيم
بلوم
- خضيتنى ياأشرف .
إقترب منها مبتسما
- ألف بعد الشر عليكى من الخضة
وضع يده على كتفها بحنان
- حاسب , الأكل فى إيدى
قبلها على عنقها وإبتسمت بدلال وهى تتملص منه
- الأكل حايقع يا أشرف
عاودت إهتمامها بالطعام وتساءلت
- إنت مش قلت حاتريح لحد الساعة أربعة
ثم هتفت مندهشة
- ولابس هدوم الخروج كمان , ده من إمتى ده ؟
- من شوية , معرفتش أنام , قلت أروح أجيب الحاجات الحلوة دلوقت
تركت الطعام معترضة
- دلوقتى ؟ , مفيش دلوقت
- ليه بس يا علا ؟
- ياحبيبى أنا ماصدقت أطمن عليك بعد مارجعت من صلاة الجمعة
عاود تطويقها بذراعه
- يا خوافة
-أيوه خوافة
- يتخافى علىّ ؟
ردت بسرعة
- طبعا , أمال حاخاف على مين يعنى , إنت مش شايف الشارع عامل إزاى كل يوم جمعة من إللى مايتسموا
- ولا يهمك , ربنا يستر , وبعدين مفيش حاجة النهاردة زى مانت شايفة
إعترضت
- لأ , إنت قلت حاتنزل قبل المغرب يبقى تنزل قبل المغرب , أهو يكونوا إتهدوا وقتها وإختفوا
إعترض هو أيضا
- ليه يعنى ؟ حايقعدونا فى البيت يعنى , ده بعدهم
- يا أشرف
- ماتخافيش , كلها نص ساعة وراجع , يمكن بابا وماما ييجوا بدرى شوية , عايزاهم يقولوا على جوز بنتهم إيه , مش مهتم بيهم ؟
قالت وهى لا تخفى سعادتها
- سبحان مغير الأحوال , سمن على عسل إنتم
- آه غيرى بقى يا غيارة
- أنا ؟ ربنا يديمها نعمة
تحرك نحو الباب
- عايزة حاجة أجيبهالك وأنا جاى
- عايزة سلامتك يا حبيبى
- سلام عليكم
- وعليكم السلام
ثم فجأة إنتفضت وتركت ما بيدها وتحركت نحو الباب تناديه
- أشرف
- نعم
- خللى بالك وإنت ماشى
إبتسم
- ماشى يا خوافة , حاضر
- فى أمان الله  
وذهب أشرف وتركها , قلقة نعم , ولكنها سعيدة , سعيدة فى حياتها مع الرجل الذى إختارته وإختاره قلبها من بين كثيرين ليكون شريكا لحياتها , كان إحساسها ويقينها بأنها لا يمكن أن تعيش مع رجل آخر غيره , سعيدة به وبحبه لها ورعايته لها وخوفه عليها , سعيدة بحبه للناس وحب الناس له , الجميع يشهد له بحسن الأخلاق والمعاملة , سعيدة بتودده لأهلها الذين عارضوا زواجه بها فى البداية لأسباب إجتماعية واهية ثم أصبحوا من أشد المؤيدين له , بل أنهم أحيانا يقفوا فى صفه إذا حدث أى خلاف بينهما , ولا تنسى أمها وقفته بجانبها عندما مرضت , ولم تكن قد وافقت عليه بعد , كان هو الذى حملها وأسرع بها إلى المستشفى عندما أغمى عليها , وكان أكثر من إبن لها عندما أجرت عملية , زارها إبن خالتها فى المستشفى مرة ولم يكررها , هذا التى كانت أمها تعتبره العريس المنتظر لإبنتها , وعندما رفضته علا, رضخت الأم لفترة على أمل أن توافق إبنتها يوما ما ...
لم يمر عليها وقتا طويلا بعد إنصراف أشرف , حتى قطع عليها تفكيرها وعملها فى المطبخ صوت ضجيج الخوارج يعم المكان مصحوبا بهتافاتهم البذيئة وطلقات أسحتهم العمياء .
وإنتفضت علا وألقت ما بيدها وإندفعت مهرولة ناحية الشرفة , قدميها تتعثران وجسدها يرتعش هلعا على زوجها وما قد يتعرض له فى الشارع على أيدى هؤلاء المأجورين , وأطلت برأسها لترى عشرات من الرجال والنساء والصبية ينشرون الفزع بهتافاتهم وشتائمهم البذيئة ويطلقون أعيرة الخرطوش وطلقات الشماريخ , وجالت بعينيها المكان تبحث عن أشرف وسط سحابات كثيفة من الدخان الأسود الناتج من إحراقهم لإطارات السيارات , ولمحته على الرصيف بعيدا بعدة أمتار عن المسيرة فى نفس اللحظة التى رأت فيها , وقد تجمد الدم فى عروقها من الخوف , رأت صبيا يرفع مسدسا موجها إلى الناحية التى كان فيها زوجها .
صرختها الملتاعة مع إنطلاق عيار الحرطوش مع سقوط زوجها على الأرض تزامنوا فى لحظة واحدة , ولم تدرى بنفسها وعلا صراخها وهى تنطلق كالمجنونة عبر صالة الشقة إلى الباب إلى سلالم العمارة تهبط درحاتها فى جنون وعلا صراخ بعض الجيران وحاول البعض الآخر اللحاق بها , ووصلت إلى الشارع , غير مبالية بكل المخاطر التى تحيط بها , تجرى على الرصيف بهدف واحد هو الإطمئنان على أشرف , ولم تلمح وهى تخرج مهرولة من باب العمارة وصول أمها و أبيها وهما يسرعان الخطى لدخول البيت ليتجنبا مخاطر الغوغاء , وعندما وجدا إبنتهما تمرق من الباب كالسهم وتجرى على إمتداد الرصيف وهى تصرخ بإسم زوجها , وبنفس اللوعة والخوف والمفاجأة إندفعا يتبعانها .
تجمع بعض الناس حول أشرف الملقى على الأرض تنزف منه الدماء عندما وصلت علا تخترق تجمعهم حوله وإرتمت عليه تصرخ بإسمه وتناديه أن يرد عليها ولكن أشرف كان صامتا , لحق أبويها بها وإرتما بجانب إبنتهما وزوجها الراقد على الأرض بلا حراك صارخين فى الجمع
- حد يجيب الأسعاف , حد يتصل بيهم
الدموع فى العيون , عيون علا التى ملأت وجهها وسط صراخها وندائها على أشرف , ودموع أمها وأبيها , ودموع بعض المتواجدين فى المكان , وخلا المكان من خوارج الإخوان بإبتعادهم ليواصلوا مسلسل التخريب ودوت فى المكان سارينات عربات الشرطة وبعدها عربة إسعاف وإندفع شاب وسط الجمع وإنحنى على أشرف وصرخ فى المتواجدين
- وسع شوية إنت وهو , بسرعة ياجماعة , خللى الأسعاف تشيله
وتقدم رجلان يحملان نقالة وأنحنيا على أشرف زنظرات الجميع تتابعهما .
" لها بقية "    

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grocery Coupons