الجمعة، 21 يونيو 2013

السوق

لم يعد السوق على حالته التى أعرفها من الزحام والضجيج ونداء الباعة بصوت مرتفع وتنافسهم على بيع سلعهم , كان زائر السوق يجد صعوبة فى التجول فى أرجاء المكان لكثرة رواده من رجال ونساء , كبار وصغار لشراء إحتياجاتهم من الخضر والفاكهة والأسماك والدواجن واللحوم وغيرها, سوق كبير يمكنك أن تجد فيه تقريبا كل ماتحتاجه ويحتاجه بيتك .
بات من المؤكد أن قلة العدد نتجت عن إرتفاع الأسعارالتى طالت كل شئ فى تلك الأيام الكئيبة التى تعيشها مصر فى ظل حكومة الإخوان بعد أن خيبت ظن الشعب قيهم وحولت حياتهم إلى جحيم زاد من الإحساس به أنه جاء بعد ثورة كان عمق فرحتها أنها سوف تحول حياة المصريين إلى الأفضل .
ترى الرواد يتجولون ويتنقلون من بائع إلى آخر يسألون عن الأسعار إلى أن يجدوا سعرا مناسبا هو الأرخص فى الغالب فيشتريه وبعد أن كانت الأذرع لا تتحمل ثقل الأكياس التى تحملها تغير الحال وقل عدد الأكياس وإقتصر الشراء على الضرورى الذى يحتاجه الشخص ولا ينفع معه تأجيل .
تحسرت وأنا أرى بائع الدجاج الذى كان لا ينقطع عنه الزحام , يقف لا يهش ولا ينش هو ودجاجه المعروض على طاولته والقليل من الدواجن الحية فى الأقفاص جواره تنتظر مصيرها , ولا يختلف مصير هذا الرجل عن غيره من البائعين فقد طال الهم الجميع , يعرفنى الرجل , وما أن لمحنى حتى هتف مرحبا يحدوه الأمل " ياباشا " وإبتسمت له وأنا أهز رأسى وسكنت الخيبة محياه بعد أن تجاوزته .
وكنت فى الحقيقة فى طريقى إلى إحدى الفلاحات التى أشترى منها الجبن القريش والجبنة القديمة وكنت أتمنى أن أجد لديها الفول الأخضر الذى طلبته زوجتى مع الجبن القريش , وتنفست الصعداء عندما لمحت كوم الفول الأخضر مفروشا على طاولتها , وطلبت منها الجبن وأيضا كيسا لكى أضع فيه الفول وبينما هى تزن الجبن وأنا فى نفس الوقت أعبئ الفول سمعت صوتا آتيا من الفلاحة التى تحتل الطاولة الأخرى المجاورة لها
- هو يعنى فاكر إيه , بكره الإنتخابات تيجى ونروح نسقطه زى ما جبتاه نخلص منه , ربنا على المفترى .
وحولت نظرى ناحيتها وكان يقف بجوارها سيدتان تعالى صوتهما بالتأييد لقولها , وعدت بنظرى إلى الفلاحة وأنا أمد لها الكيس لكى تزن الفول وكانت قد إنتهت من وزن الجبن وقلت لها
- مبسوط من الكلام إللى سمعته ده .
ولم أكن أتخيل أن يصل صوتى إلى الفلاحة التى قالت الكلام والتى ردت على الفور
- أمال إيه يا إستاذ , حانسيبه يسود عيشتنا أكتر من كده .
فقلت لها
- إللى بسطنى فى الكلام إنه جاى منك , مش إنتو جمهور الإخوان .
ردت بسرعة
- ده كان زمان , كان زمان وجبر, ده ورانا إللى عمرنا ماشفناه , منه لله . "
وإنضمت سيدة بجانبى إلى الحديث 
- الناس خلاص بقت بتكلم نفسها .
نظرت إليها وقلت
- وقال إيه إحنا إللى شلنا مبارك عشان نجيبه .
- مبارك ! دى الناس بتتحسر على أيامه , ده إللى عمله فينا مبارك فى 30 سنة , مرسى عمل قده ميت مرة فى كام شهر , وهو حايروح من ربنا فين , إللى شال مبارك يشبله "
هؤلاء هم بسطاء الناس , تجدهم فى كل مكان , فى الشارع والسوق والمقهى ولسان حال الجميع واحد , خدعونا بالدين والإسلام وأذاقوا الناس المر وتبددت شعارات النهضة , ونحمل الخير لمصر , وأنهار اللبن والعسل , وإستيقظ الجميع على الحقيقة المفجعة وأدركوا حجم الخديعة الكبرى التى وقعوا فيها .
هذا هو حال السوق , تغير وتغيرت أحوال من فيه , ولكن سوء الإخوان بقى على حاله ويسعى لمزيد . 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grocery Coupons