الخميس، 26 يوليو 2012

أصلي وأقرأ القرآن وأنا خائف


الإقرار بالجهل في العلم
يقول الإمام ابن القيم في كتابه (الفوائد): (طوبى لمن أنصف ربه).
وطوبى درجة عليا في الجنة.
ومعنى (أنصف ربه): أقر له بالجهل في علمه، كما كان ابن عطاء الله يدعو دائماً: يا ربي! أنا الجهول في علمي، فكيف لا أكون جهولاً في جهلي؟! وأنا الفقير في غناي، فكيف لا أكون فقيراً في فقري؟! ولذلك قال لنا أهل العلم: إن المسلم بطبيعته يتأدب مع الله عز وجل، فعندما يشعر بالفقر يقول: يا غني أغنني، وعندما يشعر بضعفه يقول: يا قادر يا ناصر انصرني، ويا قوي قوني فإني ضعيف، فقو في رضاك ضعفي، وخذ إلى الخير بناصيتي.
فمن أنصف ربه أقر له بالجهل في علمه؛ لأننا إن أقررنا بالجهل علمنا رب العباد، كما روي في الأثر: ما يزال الرجل يتعلم ويتعلم، فإن ظن أنه علم فقد جهل.

الإقرار بالآفات في العمل
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: طوبى لمن أنصف ربه، فأقر له بالجهل في علمه وبالآفات في عمله.
فحين أصلي لا أقول: أديت الذي علي، بل أصلي وأخاف أن
ترد علي الصلاة فلا تقبل؛ لأن مالي حرام، أو لأن القميص حرام، أو لأن القلب مليء بالغل والحقد على الناس، أو لأن الزوجة تخون زوجها في إخراج أسرار بيته، أو أن الزوج يخون زوجته فينشر أسرارها، أو لأن المصلي يخون الأمانة، أو يخون الوظيفة فيأخذ ما ليس من حقه، ثم يقف بين يدي الله ويقول: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:5].
فأنا أصلي وأنا خائف ألا تقبل الصلاة، وأقرأ القرآن وأخاف ألا يتقبل الله مني، وعندي رجاء في القبول، ولكن يجب علي أن أغلب الخوف على الرجاء، فنحن في زمن غلب فيه الناس جميعاً الرجاء على الخوف، لأن الواحد منهم ينظر إلى من هو أقل منه في الدين، وينظر إلى من هو أفضل منه في الدنيا.
فإذا صلى الجمعة، ثم خرج فرأى عظيماً بماله كبر في نفسه، ولا ينظر إلى من يصوم الإثنين والخميس، ولا ينظر إلى من يقوم الليل، ولا ينظر إلى من يتقرب بالصدقة، ولا ينظر إلى من يصل الرحم، ولا ينظر إلى من يفعل الخير أو يتوارى بين الناس تواضعاً وخجلاً.
فالإنسان يجب عليه أن يقر لله بالجهل في علمه، وبالآفات في عمله.
وكان عمر بن الخطاب يقول: اللهم إني أسألك من العمل أخلصه وأصوبه.
فيقولون: يا أمير المؤمنين! ما أخلصه وما أصوبه؟ فيقول: أخلصه ما كان لله عز وجل، وأصوبه ما كان على الكتاب والسنة.
الإقرار بالعيوب في النفس
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: (طوبى لمن أنصف ربه، فأقر له بالجهل في علمه، وبالآفات في عمله، وبالعيوب في نفسه)، فيقول: سوف أفرغ وقتي لإصلاح عيوبي.
ليس هناك امرؤ يقول: فيَّ عيب.
فكل يرى العيب في غيره، ولا يراه في نفسه.
فيجب علي أن أقتنع بأنني ذو عيوب، وأتعهد بإصلاح عيوب نفسي، ولو فعل ذلك كل واحد لبلغنا مبلغاً عظيماً، فمن منا لم تأت عليه أوقات لم يؤد فيها زكاة ماله، أو لم يصم رمضان، أو لم يقم بالنوافل، أو قطع رحمه؟! ومن منا يبيت مظلوماً تدعو له الملائكة، ولا يبيت ظالماً تدعو عليه الملائكة؟!
شرح لكتاب الفوائد للإمام إبن القيم للشيخ د. عمر عبد الكافى

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grocery Coupons