الثلاثاء، 18 مارس 2014

إسكندرية كمان وكمان

 شارعنا مثل كل شوارع مدينة الأسكندرية , الواسعة منها والضيقة , الشعبية منها والراقية , كلها تمارس نفس الفعل الذى إستجد على المدينة منذ سنوات , ولا تتعجب , فمدينة الأسكندرية تنفرد وحدها دون منافس وتتميز دائما بالمبالغة فى الفعل, وغالبا ماتكون هذه المبالغة فى الخروج على القانون , ولن أتكلم اليوم عن طوفان المبانى المخالفة التى يتواصل بناؤها حتى يومنا هذا بإرتفاعات تنافس ناطحات السحاب فى حارات ضيقة عرضها أربعة أمتار , ناهيك عن العمارات التى فى الشوارع الرئيسية , ويتم هذا البناء بلا ترخيص وبلا ضمان وتعرض حياة الناس وأموالهم إلى فناء .
لست بصدد الحديث عنها اليوم , وإنما أتحدث عن مشكلة نشأت وترعرعت قبل البناء العشوائى للعمارات بسنوات منذ حقبة مبارك وليست كالعمارات التى بدأت بعدها فى حقبة الفوضى التى بدأت بعد سقوطه وأدت إلى عكس المطلوب ولم يفلح معها لا مجلس عسكرى ولا مرسى ولا بعد مرسى فى إيقافها , والسبب الإنشغال فى صميم العموميات التى لم تجد إنصافا واحدا يطمئن الناس على مستقبلهم ومستقبل أبنائهم .
على مدى السنوات الأخيرة إمتلأت الأسكندرية بالأجيال الوافدة من الريف من فلاحين وفلاحات ليحتلوا مداخل عماراتها الجديدة كبوابين , وما من عمارة تمر عليها إلا رأيت هؤلاء وأبنائهم الصغار , وأكثرهم ولدوا فى بيئة الأسكندرية الجديدة , يحتلون مداخل العمارات والأرصفة أمامها, ولا عبار أن يسعى الإنسان للرزق بعيدا عن قريته طالما لم يجد فيها عملا , ولا غبار أيضا أن يفد إلى المدينة للعمل فى نفس المهنة من يريد تحسين أحواله المعيشية وقد جاء إليها بناء على نصيحة السابقين الذين أخبروه عن مزايا العمل بالمدينة والخير الذى يأتى من ورائها .
ولكن ماهو السوء الذى إرتكبه هؤلاء الوافدين وما الضرر الذى ألحقوه بها , بعيدا عن تجمهرهم هم وزوجاتهم وأولادهم أما أفران الخبز البلدى يأخذون كميات كبيرة جدا من الخبز , لا أعرف حقيقة إذا كانت لسكان العمارات الذين يعملون بها أم أنها للتجارة وليس وقت حديثه الآن , وبعيدا عن أطنان التراب والأسمنت التى تغرق سماء المدينة والتى فتحت لهم بابا مع أصحاب السيارات الخاصة للقيام بتنظيفها مقابل مبلغ مالى كل شهر , هناك عمل أساسى يوقومون به وهو تنظيف سلالم العمارات , ليست فقط الذين يعملون بها , ولكن أى عمارة أخرى تطلب هذا .
ماكان يحدث فى الماضى قبل طوفان الغزو الريفى هذا , أن أى شخص , رجل كان أو إمرأة , كان يقوم بكنس سلالم العمارة , وبعدها يقوم بمسح السلالم " بالماء والخيشة " وبإستخدام جردل مياة يتم تغييره عدة مرات لضمان النظافة , ولكن مايحدث منذ زمن وإلى الآن , كارثة , فقد تفنن هؤلاء الريفيين فى إستخدام خرطوم المياه من أعلى العمارة حتى أسفلها ويستخدم الخرطوم المفتوحة مياهه مايقرب من الساغتين فى إزالة الأتربة وغسل السلم , وتنهمر المياه من السلالم إلى المدخل وتأخذ طريقها إلى الشارع لتنحت فى الأسفلت وتأكله وتغرق الشارع بالمياه , وتتضامن يقية العمارات فى غسيل السلالم ويغرق الشارع بالمياه الرخيصة التى ليس لها ثمن , منظر مفزع لكل ذى عقل وهو يرى إهدار المياه بهذا الشكل , شكل لا يلفت نظر صاحب عمارة ولا سكان ولا مسئول ولا أى أحد , وتستمر هذه الفوضى منذ سنوات بلا توقف وبلا رادع , فى الوقت الذى نشكو فيه فقر المياه ونتعرض لكارثة نقص المياه بعد بناء سد النهضة الأثيوبى .
والحل , لا أحد يعتبر بنصح ولا إرشاد , إنما يعتبر الناس إذا تم توقيع عقوبة صارمة عليهم , وهو ما نأمله فى عصر جديد فى مصر , فى كل مجالات الإهدار العام , فيجب وضع حد عادل لإستخدام المياه وبسعر عادل لكل ساكن يكفيه ويزيد , وما يتم تجاوزه فى إستلاك المياه عن هذا الحد يتم حساب المتر منه بعشرة أضعاف السعر العادى لحد معين , لو زاد , يتضاعف السعر إلى عشرين ضعفا , وهكذا , وهنا سيتوقف أصحاب العمارات النائمين فى عسل الفوضى , وبالتالى سيفسد مخطط البوابين الريفيين الذين حولوا الأسكندرية إلى بحيرة مياه وشوارعها إلى مجارى مائية وحفر عميقة تحتاج ملايين الجنيهات لإصلاحها بجانب ملايين الجنيهات الضائعة فى فاقد المياه .  

0 التعليقات:

إرسال تعليق

 
Design by Free WordPress Themes | Bloggerized by Lasantha - Premium Blogger Themes | Grocery Coupons